الثلاثاء، 10 مايو 2011

أنا وداليا..والسيد الرئيس


رشا فرحات

كثيرا ما تدور بيني وبين ابنتي داليا حوارات كثيرة متعددة تنتهي بجملة " حلي عني" أو ربما" قومي نامي"  حينما تزداد وتيرة أسئلة داليا وتضعني بين شباك قاتلة فلا أجد لها رداً، وعلى فكرة، أسئلة الأطفال دائما جريئة في الصميم، تضعنا على مفترق طرق من البلاهة بيننا وبين أنفسنا فنتذكر أننا بتنا غرباء عن الواقع، وأحيانا تكون مؤلمة خصوصاً حينما تشاركني داليا في مشاهدة تقرير إخباري مؤلم أو متابعة قراءة احد الأخبار أو القصص الإنسانية، عبر الانترنت .. فتنهال علي الأسئلة والمداخلات البريئة، واليكم بعضاً من الأخبار التي شاركتني داليا متابعتها ثم حاصرتني بأسئلتها الطفولية الجريئة، المحرجة جداااااااااً

الخبر الأول:
 توفيت الطفلة عبير ابنة الأسير يوسف سكافي،  دون أن تتمكن من تحقيق أمنيتها المتمثلة باحتضان والدها وتقبيل يديه، كبقية أطفال العالم دون حرمان من حق الطفولة بالحياة في كنف الوالدين.
وكانت الطفلة عبير (11 عاما) دخلت في غيبوبة، منذ أيام، إثر مرض أصابها جراء الصدمة العصبية والخوف والقلق الذي انتابها في ظل غياب والدها، الذي يقبع في سجن النقب الصحراوي ويقضي حكماً بالسجن المؤبد أربع مرات، أمضى منه ثمانية أعوام.
التعقيبات:
-        داليا: هي يا ماما عبير من وقتيش ما شافت أبوها؟
-        أنا: هي يا ماما شافت أبوها مرة وحدة بس كان من وراء زجاج عازل عشان هيك كانت بتتمنى تحضه
-        داليا: طيب وليش صار فيها هيك؟
-        أنا: عشان يا ماما انحرمت من شوفة أبوها فصار معها صدمة عصبية
-        داليا:ليش هو ممنوع يحضن الأسير أولاده؟
-        أنا:آه.. لأن الاحتلال الإسرائيلي عامل زجاج عازل بين السجين وعائلته ممنوع يمسكوا ايدو وممنوع يحضنوه
-        داليا: هو الرئيس بيعرف بهدا الكلام؟
-        أنا : أكيد بيعرف يا ماما
-        داليا: وليش ساكت يا ماما؟
-        أنا ...نظرة بلاهة، صرخة " حلي عني يا داليا"

الخبر الثاني:
يتسبب الحصار الظالم المفروض على مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة بمعاناة كافة شرائح المواطنين وعلى كافة الأصعدة والقطاعات .
 القطاع الصحي كان أكثر الميادين تعرضاً للضرر حيث تسبب الحصار الخانق بنقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية الأمر الذي تسبب في استشهاد حوالي 30 مريضاً، أغلبهم من الأطفال،  بسبب عدم وجود الأدوية والعلاج اللازم داخل القطاع وبسبب منعهم من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني من السفر للعلاج بالخارج .

التعقيبات:
-        داليا: هما يا ماما المرضى إلي في مستشفى الشفا، ناقصهم دوا؟
-        أنا: آه يا ماما
-        داليا: يا حرام يا ماما ، طيب ليش يا ماما ما نروح نشتري دوا ونعطيهم اياه؟
-        أنا: الدوا مقطوع يا ماما بسبب الحصار، يعني كمان من الصيدليات ما بنقدر نشتريه
-        داليا: ليش هما مسكرين الباب إلي بيدخل منه الدوا؟
-        أنا: لا يا ماما الاحتلال الإسرائيلي مانع دخول الدوا على قطاع غزة، وعشان هيك بيموتوا الأطفال من نقص الدوا
-        داليا بخوف: يعني يا ماما لو مرضت، أو يوسف مرض، أو أنت أو بابا مرضتوا ما بنلاقي دوا؟
-        أنا: إن شالله ما حدا فينا بيمرض وبيحتاج لأي دوا
-        داليا: يعني هو الواحد بيموت يا ماما إذا مرض وما شرب الدوا؟
-    أنا: مش في كل الأحوال يا ماما، إذا كان المرض خطير ومحتاج الدوا كتير، وإذا كان المريض تعبان، كبير في السن كتير، أو صغير كتير ما بيتحمل المرض، بس إن شالله ما بنمرض وما نحتاج لدوا، ما تخافي
-        داليا بفزع: يعني ياسمين عشانها صغيرة إذا مرضت بتموت؟
-        أنا: لا يا ماما إن شالله ما بصير في حدا فينا أي مرض ولا حدا بيموت
-        داليا: الرئيس بيعرف يا ماما أنو ما في دوا في مستشفى الشفا، أكيد لا؟
-        أنا: آه يا ماما ما بيعرف أكيد، لو بيعرف كان عمل أشي
-        داليا: طيب يا ماما خلينا نروح نحكي معه تليفون ونقله
-        أنا: داليااااااااااااا، حلي عني، بكفي حكي


الخبر الثالث:
في عام ألفين وثمانية قامت سلطات الاحتلال بتدمير الطرق المؤدية لبيت الحاج صبري غريب الذي يسكن في قرية بيت إجزا القريبة من القدس لإقامة جدار الفصل العنصري . فمنزل الحاج يقع في قلب مستوطنة " عفن هداشا " .  قام المحتلون بعزل منزله بأسلاك شائكة يصل ارتفاعها إلى ستة أمتار. ووضعوا بوابة الكترونية على المدخل المؤدي لمنزله .  عرض المحتلون على الحاج غريب مليوني دولار كي يترك منزله، ولكنه لن يترك منزله حتى لو دفعوا له كل أموال العالم .   "منقول من مدونة" قِطعُ حَلوَى ونُثارُ غيْمٍ"

التعقيبات:
-        داليا: هو يا ماما الحاج أبو سمير كيف بيدخل على بيته؟
-        أنا : في بوابة يا ماما، عاملينها قوات الاحتلال عشان يدخل منها أبو سمير.
-        داليا: طيب البوابة هادي عليها حارس؟
-        أنا: طبعا يا ماما
-        داليا: ولما يجو ضيوف يزوروا أبو سمير، بيسمحولهم يدخلو؟
-        أنا: بيخبر أبو سمير حارس البوابة وبيدفعلو 60 شيكل عشان يفتح البوابة للضيوف بعد ما يفتشوهم
-        داليا: ستين شيكل، طيب إذا بدو يروح أبو سمير يشتري ساندويش فلافل، أو شيبس، أو شوكلاته، كمان بدفع ستين شيكل؟
-        أنا: آه بيدفع
-        داليا باستغراب: كل مرة بدو يطلع راح يدفع ستين شيكل؟
-        أنا: آه راح يدفع
-        داليا: طيب شو هالعيشة، ما يبيع البيت أحسن ما دام أعطوه مليونين
-        أنا: لا يا داليا، لازم الواحد ما يبيع بيته لليهود
-        داليا بمكر: يعني أنت لو مكانه يا ماما ما بتبيعي البيت؟
-        أنا: لا طبعا يا ماما ما ببيع
-        داليا: طيب راح يخلصو مصارينا واحنا ندفع لحارس البوابة كل ما بدنا نطلع مشوار
-        أنا: مش مهم، المهم ما نبيع أرضنا
-        داليا: يا حرام قصة الحاج أبو سمير بتحزن يا ماما
-        آه والله
-        طيب يا ماما الرئيس أكيد ما بيعرف؟
-        أكيد
-    طيب هالمرة قومي نكلمو لازم يعرف، ويعطي أبو سمير فلوس يدفع للحارس، أو يمكن يروح يحارب ويكسر كل المستوطنات إلي جبن بيت أبو سمير، صح ؟!!
-        داليااااااااااا، قووووومي نااااااااااامي

الخبر الرابع:
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي 14 منزلاً في بيت حانون ومدينة الخليل في الوقت الذي شنت حملة اعتقالات واسعة في نابلس التي اجتاحت بعض قراها فجر الاثنين.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن قوات الاحتلال الإسرائيلية، جرفت ظهر يوم الاثنين 12منزلاً في منطقة عزبة بيت حانون شمال قطاع غزة.   وأفادت مديرية الأمن العام في محافظات غزة، أن جرافات عسكرية إسرائيلية مدعومة بعدد من الدبابات والآليات العسكرية، قامت بتجريف 12منزلأ في منطقة عزبة بيت حانون، وألحقت عملية التجريف دماراً هائلاً في ممتلكات المواطنين.

التعقيبات:
-        داليا: ماما يعني شو تجريف؟
-        أنا: يعني الدبابات الإسرائيلية بتدخل كل البيوت إلي بنيت بدون ترخيص وتبدأ بهدمها
-        داليا: هي إسرائيل لما دخلت أخدت قرية سيد سيدو، أخدت منا ترخيص؟
-        أنا: وبعدين مع أسئلتك يا داليا، طبعا لا، هي احتلت ما دخلت بترخيص
-        داليا: طيب ليش إحنا ما بنحاربها؟ عشان نرجع قرية سيدو؟
-        أنا: لأنو إحنا وقعنا معهم اتفاقية سلام: اسمها، أوسلو، وعشان هيك لازم نحترم اتفاقية السلام
-        داليا: طيب هو إحنا وقعنا في الاتفاقية على انو نسكت لما تتجرف أراضينا؟
-        أكيد لا، بس هي إسرائيل عاد إلي ما بتحترم الاتفاق الموقع، وبصراحة، أنا ما بعرف على ايش وقعوا بالضبط يوم اتفاقية أوسلو
-        ومن وقتيش الاتفاقية هادي" أوسلو"؟
-        أنا: يعني صارلها سبعتاشر سنة
-        داليا: والرئيس معقول يكون شايف الأرض التي تجرفت، طب إذا شايف ليش ساكت؟
-        أنا: داليا، الرئيس شايف وعارف كل أشي وساكت لأنو في اتفاقية سلام لازم يحترمها ما بيقدر يخترق الاتفاقية
-        يعني شو يخترق؟
-        يعني يعمل أشي ينهي الاتفاقية غير الأشياء الموقعة، هادي اتفاقية سلام ولازم يحترمها، وقع لازم يحترم التوقيع.
-    داليا: سلام سلام، والرئيس شايف، والدوا مش داخل، والمرضى بموتو، وعبير ماتت، وأبوها محبوس، وما بقدر يحضنها، والحاج أبو سمير ما بيقدر يطلع من بيته، والدبابات بتهدم بالبيوت، والرئيس عارف وشايف وبيحترم السلام، يا سلام سلم يا ماما .
                                    ...
والي بيعرف داليا عن جد، وبصدق أيضاً، سيعلم أنها فعلاً من أصحاب نظرية" يا سلام سلم ...



السبت، 7 مايو 2011

دروس في العنصرية ...




رشا فرحات

عندي عقدة متمركزة في قرارة إحساسي العميق، وكينونة نفسي المليئة بالعقد،" وكل عقدة معقودة على بعضها مرتين"، بسبب ذكرياتي الفاخرة مع أساتذتي في المدرسة، فقد كنت في الصف الرابع عندما دخلت مدرسة العلوم في أول حصة لها، وللحق أنا لم أتعلم في غزة، ولكني تعلمت في بلد عربي شقيق، "وحط تحت شقيق مائة خط، واضحك لما تفطس، حاكم ما ضلش شقيق فهالدنيا"

المهم... نظرت المعلمة نظرة سريعة وتوقف نظرها في وجهي البريء،" برضو ما فيش مانع نحط تحت بريء كم خط"، ثم كشرت عن أنيابها، وأتذكر أنها كانت ترتدي فستانا ازرق، تماماً كسجانات المعتقل، وهو زي موحد للمعلمات في تلك البلد العربية الشقيقة،" ما تنساش الخطوط"، وحدقت وبانت أنيابها، وشعرها نكش على أخره" وسألتني: من وين أنتي؟؟ فأجبتها ببراءة، أنا من فلسطين، فاشتعلت النار فجأة بالصف، وظهرت تعاليم العنصرية العربية الشقيقة، وتحولت أنا إلى "فشة خلق" للمعلمة العنصرية، وكلما ضجرت أو سمعت صوتاً من أحد التلميذات، أوقفتني بجانب السبورة "وعشر مساطر" في كل يد حتى أعود محمرة الكفوف إلى البيت"، وفهم زملائي في الصف اللعبة، وأصبحوا يلصقون بي كل بلاويهم"، حتى أصبحت" ......" لتلك المعلمة.

لم أعرض قصتي تلك، حتى أعطي درساً في العنصرية، لكن لأتأمل معكم في كمية عدد الأولاد الذين خرجوا من تحت يد تلك المعلمة متشبعين بكم من العنصرية والتخلف، وأنا الفلسطينية الوحيدة في الصف، فلسطينية يعني رمز النضال والكفاح، وال.....الحمد لله أننا كنا في ذلك الوقت أعلى رموز النضال والكفاح، "ومكانش في قناة الجزيرة عشان تنشر بلاوينا للعالم"

بالعودة إلى موضوع معلمتي، تلك العنصرية للأسف وان كانت تختلف يتعرض لها أبنائي اليوم، هنا في الوطن، وان كانت أقل حدة ودون قصد، ففي صفوفنا كم هائل من المعلمات اللواتي يحتجن بشكل عاجل وفوري إلى إعادة صقل وتربية أخلاقية لتخريج جيل سوي، ولا أقول خالي من العقد، "لأنهم حيتعقدوا حيتعقدوا"، إذا مش من مدرس الابتدائي يبقى مدرس الإعدادي، وإذا مش مدرس الإعدادي يبقى الثانوي، وإذا مش الثانوي يبقى في الجامعة..

ولكن تأكيداً على قضية العنصرية وفي حديثي مع إحدى المعلمات في إحدى المدارس حينما سألتها:
- هل هناك فرق بين ابن فلان وابن علان في تعاملكم مع الطلاب
- المعلمة: بالتأكيد، ابن الدكتور أو المهندس، أو المتعلم بصفة عامة، يجب أن يكون متعلماً مثله، ونحن نحاول استقطاب هؤلاء الطلاب والاهتمام بهم أكثر من غيرهم.
- أنا : يا سلام، يعني لو كان الولد ابن حدا من العمال، أو غير المتعلمين، ما فيش اهتمام فيه
- لا في اهتمام بس هادا من الطبيعي انو ما يكون شاطر في المدرسة، بالإضافة إلى أن المديرة في أغلب الأحيان تهتم بأبناء المفتشين، والموظفين في التربية والتعليم، لأنها تخشى أبائهم، ونحن نعمل على زيادة درجاتهم، أو تصحيح أخطائهم في الامتحانات لكي يحتفظوا بمستوياتهم العالية في الدراسة.

يا حلاوة يا ولآد، هادا إلي ماكانش على البال ولا الخاطر، لكن الحق يقع على الست الناظرة و المعلمات فعلاً،  فلماذا لم يشعرونا من البداية بحكاية العنصرية الوسائطية، "حطلك خط"  قد انتشرت أيضاً في السلك الدبلوماسي، أقصد التعليمي، كنا أخدنا كم كيلو جبنة على كم رغيف خبز، وأخذنا حبايبنا وقرايبنا من الموظفين في التربية والتعليم، والسياسة، والصحافة، والمصورين وذهبنا في جولة في مدارس الأولاد، يعني مجرد  "قرصة ودن" للمديرة والمعلمات لكي يعرفوا أننا ببساطة" ناس واااااصلة"

وأنا صدقا لا أبالغ إذا تحدثت عن العنصرية فإليك أخي القارئ، وأنا اعلم تماماً كم أثقلت عليك في حديثي الذي يعتبره الكثيرون منكم مجرد برم فارغ، ولكن عن تجربة وبعد تدقيق وتمحيص، ووفقا لدراسة إستراتيجية، ولف ودوران في الحالات والفضائح التي تعبق مجتمعنا الفلسطيني...

بداية " أكيد في منكو قال، هو انت لسة ما بدتيش" صبرك بالله، الجاي راح يعجبك" .  فلنتحدث عن الطالب الأول في الصف، فهذا الطالب يجب أن يكون مبدعاً في كل شيء، يجب أن يشارك في الإذاعة، هو من يقدم الحفلات، وهو من يجلس في أول صف، وهو من يشارك في نشاطات الرسم ويعطى أعلى الدرجات، بصرف النظر إذا كان رساماً أو لا ، والطلاب الآخرين، ينحرقوا، بصرف النظر إذا كانت لديهم مواهب أم لا، يعني هو الطالب الأول، ولذلك تجد الطالب الأول محط أنظار كل الأولاد، وحسدهم وغيرتهم، لأنه متميز، ولأن المدرسة أعطته دفعة للتميز متجاهلة تميز الآخرين من الطلبة، لذلك يخرج أبنائنا جميعهم معقدين من الطالب الأول ومن المدرسة أساساً.

ويبقى الأطفال الآخرين فارغي أفواههم كالبلهاء، يتقربون جميعهم إلى الطالب الأول، لعل بركاته تنتقل إلى عقولهم، وتتعقد الصورة أكثر إذا جاء ولدك مكفهر الوجه متضايق لأن الأستاذ مصر على إجابة الطالب الأول على الرغم من أنها خاطئة " يعني على الغميض"، " ما هو واثق من الطالب الأول ثقة عمياء" ويرفض الاستماع إلى إجابة ابني الصحيحة لأنه ببساطة" مش الأول" والطالب " الأول لا يخطئ،" من وجهة نظر الأستاذ"  فهو ابن فلان ... وحاصل على 99.9 %، بجدااارة.

كما أن  الأستاذ، يشارك الطالب الأول، ويستشير الطالب الأول، وليش ما تتعلموا يا بهايم من الطالب الأول، وكل الأمور ماشية على مزاج الطالب الأول، وإذا اقترف الطالب الأول خطيئة من أي نوع فإنه ببساطة يقول " ما عملتش" فيعلو صوت الحق " إلي هو صوت الطالب الأول" وتعلوا معه أصوات العنصرية والكراهية التي تنخر في رؤوس أطفال الصف ... وتعلو العقد وتسمو أكثر وأكثر.

وبالتعقيب أيضا في موضوع العنصرية " معلش تحملوني، أنا عارفة انو القراية صعبة اليومين هدول"  ولكنها  قصة حدثني بها زوجي الذي يعمل في مشروع يعني بترميم المدارس في قطاع غزة، حينما دخل إلى إحدى المدارس فوجد أربعة شحوطة، عفواً.. أقصد أربعة معلمين، قد هجموا مثل ذئاب الجبل على أحد الطلاب فأوسعوه ضرباً دون رحمة ، وزوجي يحاول التدخل والحديث فلا يسمعه أي من المعلمين لشدة اندماجهم في الضرب وكأنهم يثأرون لعقدهم " القديمة" التي هي ذات العقدة، وعندما سأل زوجي لاحقاً عن سبب ضرب الطالب فأجابه أحد الأساتذة باستهتار: سيبك منه، واتضح  بأنه يتيم ولا يسأل عنه أحد ولا يتفقده أي من عائلته ولا يسألون عنه، " يعني صارت القصة هيك، هو لو ابن عيلة واصلة، كان ما استرجا حدا من الأساتذة الأشاوس يضربه كف" " يا عني على الحركة لتعليمية الماشية في البلد " عنصرية يا عم.

وفي التعقيب " برضو حط خط" على موضوع العنصرية فإن السيدة الفاضلة التي تملك ألاف الدولارات في البنك، والتي قد أهدت إلى المدرسة في عيد الفلاح ألف شتلة، وفي عيد الأم ألف زهرة، وفي احتفال رأس السنة خمسمائة علبة بسكويت، وفي عيد الاستقلال فرقة موسيقية لتهتف في احتفال المدرسة " بحبك يا فلسطين، من قلبي الحزين"  فقد حصل ابنها على المركز الأول في جميع المواد، بالإضافة إلى المركز الأول في الإبداع الأدبي، بالإضافة إلى المركز الأول في مسابقة الفنون الجميلة، بالإضافة إلى المركز الأول في دروس العزف الموسيقي، بالإضافة إلى المركز الأول، في القراءة والخطابة والتقديم البرامجي في الإذاعة المدرسية، يعني صار بدي الحق اخذلي صورة مع التلميذ النابغة صاحب المركز الأول.

هذا بالإضافة إلى قصة ذلك الأستاذ الذي طرد الطالب من الصف لأنه...
ولا بلاش اليوم صار في مصالحة، وإحنا بدنا نهدي النفوس مش أكثر...خليها سالكة إحنا ما صدقنا.