الأحد، 28 أبريل 2013

زملائي الإعلاميين .. بمناسبة الظلم إلي واقع علينا !!




رشا فرحات
شوف ، بمناسبة يوم إلي مش عارفة ايش هو، للدفاع عن مش عارفة ايش للصحفيين، حبيت اكتب هالكلمتين عن تجربتي الشخصية كصحفية ، التجربة المليئة بالمحن والعقد، والبلاوي، إلي كلها انتهاكات للحريات الصحفية.

أول تجربة في العمل كانت منذ عشر سنوات ونيف، يااااااه ذكريات، والله هاليوم قلب علي المواجع،  كنت متخرجة من الجامعة طازا، والخريج الطازا مسكين، يثق بكل شيء، ابياااااااااض وقلبه مفتوح، ويحمل بين أضلعه رسالة سامية، وكنت واضعة حلقة في إذني اسمها الحرية والاستقلالية والموضوعية والحياد، والسخام....الخ من نظريات الإعلام العالمية التي درستها بمؤلفات كتبها إعلاميون كبار، اكتشفت لاحقا بفهلوتي!!!!! أنهم  لم يطبقوا شيئاً مما جاء فيها، لأنه وبعد هذا العمر المديد من الكتابة والبكاء والولوله على القلم والعلم الذي دفع فيه أبائنا دم قلوبهم عشان يقولوا عنا صحفيين، نكتشف انه لا توجد مؤسسة إعلامية على وجه الأرض تلتزم بالحياد.



المهم نعود لبداية التخرج الطازة، ذهبت لاستلام التدريب( مع العشم بالتوظيف الحكومي) في وزارة الشباب والرياضة، للسلطة السابقة، عشان ما حدش ينسى إني ما قلتش، من عشر سنوات، لأني لم اطرق باب أي من الحكومات للسلطة الحالية، ومش حطرق، مش عشان عندي حياد، بل لأنهم يطرحون في امتحاناتهم أسئلة تعجيزية، وصديقتكم الصحفية خيبانه، لا تملك ثقافة كافية لتجيب عن أسئلة الامتحانات الحكومية لأنها وضعت للعباقرة من أبناء الشعب الخريجين، ولأن الحكومة وعدت بأنها ستصرف لهم راتب ضخم شهرياً وتأمين صحي وسيارة وسكن، وبدل سفر، وإجازة سنوية، في منتجعات شرم الشيخ للترفيه عنهم، وللتقليل من أوجاع الحصار، وقطعة الكهربا، وتدريب في أعظم المؤسسات الدولية الإعلامية، ولأن الإعلاميين لدينا يفوقون حسنين هيكل في الثقافة والإبداع والخبرة، لذلك قررت أن تهلكهم بالأسئلة وتذلهم بالراتب العظيم قبل أن تعطيه لهم!!!!!!!!!

نعود للخريج الطازا.. ذهبت لاستلام العمل، الذي قضيت فيه ثلاث سنوات- صامدة والله- وأنا أروح وأجيء على أمل التثبيت، وأخذ من مديرتي مبلغ 500 شيكل شهر آه وشهر لا، (آه ما أنا مضحكة) ولم أكن أدري من أي ميزانية تدفع لي تلك المديرة هذه المكافأة العظيمة، مش عارفة، من جيبة أبوها، مش عارفة، من جيبة الحكومة، كيف؟!! من جيبة الشعب الغلبان، أكيد، وبقي مصدرهم الأكيد مجهولاً بالنسبة لي حتى هذه اللحظة، وتركت العمل بعد إنجاب طفلي الثاني، بعد أن سئمت وضجرت، وضجر زوجي( عارفة حتقول بدري عليكوا)، وتركتهم وكلي قناعة أن الرزق بيد الله.

والملفت للنظر، والمضحك المبكي أيضاً لنا نحن الصحفيين والمستفز في كثير من الأحيان أن الجمهور المقرب لنا، من أقارب وأصحاب، ومشاهدين وقراء ومستمعين، والناظر للصورة من الخارج، والذي يسمع كلمة، إعلامي، صحفي، مذيع، مقدم برامج ، يقول عندما يسمع ذلك، واااااااااااو، أشي بجننن، ويعتقد أننا، ما شاء لله، غنينا من هالمهنة.

 وبيني وبينك كل إلي صار معي أنا بالذات، عشان أنا بحبش أحكي باسم حدا، بحب أحكي عن نفسي بس، لأنو برضو بقدرش أنكر انو في ناس غنيوا، وصاروا بين يوم وليلة، متحدثين إعلاميين رسميين، بجدارتهم يا عم، ما قلناش أشي.

 لكن عن نفسي كل ما حدث معي كان بسبب البحث عن النزاهة، يعني صرت بدي أبيع الشهادة في السوق السودة، لأنني لم ادرس حالة السوق الإعلامية، ولم أكن اعلم أن الموضوعية أمانة ربطت في رقابنا نحن الصحفيين، وبما أن الأمانة الإعلامية ليس لها أصحاب سخرهم الله لحملها، فإنني لم استطع حملها، فقطعت الحبل الذي يربطني بها ودخلت إلى عالم الإعلام الحزبي بعد أن عملت مع مؤسسة تابعة للحكومة الفتحاوية، وكانت ما شاء الله قد نصّبت علينا مدير للمركز الإعلامي لا يحمل الثانوية، ولا يعرف التفريق بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة، فتركت العمل مباشرة قبل أن أكمل عام لأنني متيقنة أن مجاورة الجهلاء أعظم كارثة يمكن أن تقع على الإنسان، وحفاظاً على قواي العقلية كتبت في مديري مقال مضحك ومسخرة، فشيت فيه كل غلي، وباسم مجهول، عشان ما يقولوش رشا مشت وراها واحد .... في أخر هالعمر، ثم تركت العمل مضحية بمبلغ ألف شيكل" مرة وحدة" شايف، ألف شيكل، يا حلاوة، وعدت إلى البيت، وأنا أسمع بأذني كثيرا جملة" هي  رشا مش معمرة في وظيفة لهلقيت ليش، ياختي مبين عليها بتحب المشاكل، كل إلي زيها توظفوا، وهي لهلقيت بتناطح في هالناس، مش عارفين انو النزاهة، والموضوعية، والحياد، والاحترام، ناقحين علي نقح.

وبدأت مرحلة جديدة لنج.......



بدأت بالكتابة الإبداعية، وكتبت في قضايا المرأة، ثم تقرحت أصابعي تضامنا مع المرأة، وأشرقت، وتألقت، مسرعة، حتى أعلنت وكالة الغوث عن وظائف إعلامية، لأن لديها نية في فتح إذاعة خاصة بالمرأة، وتقدمت، ونجحت في الامتحان الكتابي والمقابلة بجدارة، وتقلدت منصب مديرة الإذاعة براتب مجزي، وشعرت أن الدنيا ابتسمت فجأة، وأنصفت، ولكن لأن هناك أقدار مدبرة من صاحب الأقدار، وكل شيء لديه بقدر، توقف المشروع، وسخر الله لنا الحكومة لترفض، واستسلمت وكالة الغوث منذ الجولة الأولى، على الرغم من الأموال التي صرفت، والتي أثارت في نفسي الكثير من الأسئلة التي لم أجد لها إجابة حتى الآن، وتفرق القائمين على المشروع، لا ادري، ربما لا يهمهم أن يعلو صوت المرأة، لأن هناك فرق من أن تنادي بالمبادئ، وبين أن تعمل على تحقيقها، وعدنا أدراجنا، محملين بالخيبات، وقد تحطم الحلم.

ثم بدأت مرحلة أخرى،جديدة لنج........

وبدأت من تاني، ما أنا بيأس أبداا، أنت مش عارفني، هاتك يا قصص، وأدب، ومدونات، وصفحات على الفيس بوك، أنهيت مجموعتين، ثم أصبحت اعد من الأدباء، فحصلت على جوائز تقديرية عديدة، ثم لقبت بأستاذة، شايفين، والأستاذة راحت، والأستاذة تنيلت، والأستاذة رجعت، وهدا يطلب مني ورقة عمل القيها في ورشة، وهذا كلمة في مؤتمر، وهذا مشاركة في اليوم العالمي للبطيخ.......أستاذة عاد، وشمعتي قايدة.

والحق والصراحة، أنا لم أكن احتكم في تلك اللحظة ( اللحظة التي أصبحت فيها أستاذة) على أكثر من مبلغ خمسمائة شيكل في الشهر، التقطها من هنا وهناك، مرة تقرير في مجلة، مرة قصة في ملحق، عشان أطلّع مصاريف الأستذة !!!!!!!

وعملت في صحف حزبية تابعة لحماس ما اخبيش عليك، برضو مضطرة، كل الإعلام لدينا حزبي، التزمت فيها الكتابة الأدبية، لأني لو دخلت في السياسة حتنقح علي الموضوعية، من أجل ذلك ابتعدت عن السياسة التي سترمي بي مجبرة في الحزبية والتزمت بالأدب، وعملت مقدمة برامج في اذاعة، حزبية أيضاً، وما تقوليش ليش، عشان الفلسفة الزيادة أنا بحبهاش، والواحد مش ناقصو، المهم، عملت في الإذاعة الحزبية، وتقمصت دور المحايد، ودخلت مجال التنمية البشرية عبر الكثير من المقالات والحلقات الإذاعية, وعشان ما تنقحش الموضوعية، ما زال معدل دخلي الشهري لا يتعدى الخمسمائة شيكل، وأحيانا أقل، والسيرة الذاتية مليئة بالتقديرات، والمشاركات، والكتابات، والجوائز،،، لا أخفي عليك، كله من الموضوعية، لسة بتنقح علي، لكن بقي شيء واحد هناك في الأفق البعيد يلمع كلما شاركت في أي كلمة، بقي صوتي، لم يختنق، وبقي الحبل الذي حاولت قطعه، يركض ورائي، والتفت فرأيته، ثم التقطه، وسرت، وصوتي ما زال علياً، وكلمتي ما زالت حرة، تخرج من رأسي أنا...أنا فقط، وذلك أيضاً هو تدبير القادر، يرفع رؤوساً بكلمة الحق، وينكس رؤوساً أخرى ممن يتكلمون بعد أن يكون ثمن الكلمة قد دخل إلى جيوبهم.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جميل جدا .. انا صاحب مدونة الادب الساخر وتعليقك على مقال الكوته .. انا لا اقصد اساءة للمراة هو مجرد مقال ساخر